" فرضوا علينا الهجرة المرة ...... قالوا كوم امبو الجنة الخضراء "
مقطع من اغنية للفنان النوبى/ خضر العطار كنت احب الاستماع اليها عند حضورى لاى فرح من افراح اقاربى او معارفى.
كنت استمع الى كلمات تلك الاغنية والتى تنم عن حزن عميق مدفون بداخل الصدور وارى تجاوب الكل معاها وترديدهم الغناء وراء الفنان وتأثرهم الشديد بها.
فى البداية كنت استغرب الامر!!! فكيف تكون الاغنية ذات طابع وكلمات حزينة وتعبر عن مأساة عاشها جيل كامل وعاصرها البعض من الجيل الثانى .... ويتم ترجمتها بلحن راقص فى اغنية اعتقد انها برائيى تعتبر اغنية ثورية تلهب مشاعر كل من يستمع اليها حتى من لم يعاصر مأساة التهجير.
حتى عندما كانت تغنى فى الافراح والمناسبات وارى الناس يرقصون ويتمايلون على انغامها .... كنت اعتبرها كجرس تنبيه لتذكيرهم دائما بالمأساة -وهذا هو اقل وصف يجب ان يطلق عليها- التى عاشها الاجداد .... والتضحيات التى بذلوها .... وما قدموه من نفيس وغالى فى سبيل الوطن الكبير .
من احدى الحكايات التى قرأتها عن تلك المأساة وذلك على سبيل المثال وليس الحصر حكاية " الست خديجة ".
" يقال انه فى ذلك اليوم المشئوم بعد ان تم نقل جميع محتويات البيت من شبابيك وابواب والصناديق المليئة بالاوانى .... عز على الست خديجة فراق البيت الذى تربت وعاشت فيه ايام عمرها .... فأصرت باكية على ان تكنس البيت وان تملآ الزير بالماء كما تعودت دائما .... والجميع من حولها ينظرون اليها مواسين لها .... ويسألونها ماذا تفعلى ياامــاه؟؟؟ .... فقالت لهم ذلك عندما سنعود غدآ .... فقالوا لها هذا من درب الخيال .... فأتركى كل شئ .... ولكنها أصرت على ماتفعله وكنست البيت وملئت الزير بالماء .... أملآ فى العودة !!!!."
وغرقت النوبة .... وماتت بعدها الست خديجة بعد الهجرة مباشرة .... ماتت من شدة القهر .... ماتت وهى تقول فى سكرات الموت عـــائــدون ... عـــائـــدون.
يــــاااااااالله .... لهذه الدرجة كان حلم العودة -ومازال- داخل قلب كل نوبى .... وفى ذهن كل واحد منهم .... حلم العودة الى أرض الاجداد .... الى أرض الدهب .... الى جنة الله فى أرضه.
سنعود حتما .... سنعود يوما يانوبة .... أجلا ام عاجلا .... لم ولن ننساكى أبدآآ .... سنعود لنعيد لكى امجادك .... سنعود لنحيى ذكرياتك الرائعة .... سنعود لنرسم مستقبل ملئ بالامال الجميلة ممزوجة بعبق الماضى العظيم .... ســـنـــعـــود يـاامــــاه.
" هيا يانوبى ويانوبية ..... دقوا طبول العودة الجاية "